بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للغزو الصدامي للكويت، ضمن أنشطتها الموسمية، أقامت مؤسسة سومر للشؤون الدولية جلسة حوارية حول “العلاقات العراقية-الكويتية: تجاوز الماضي والبناء للمستقبل”، استضافت فيها الأستاذ الدكتور بدر موسى السيف، عضو الهيئة التدريسية في جامعة الكويت، والزميل في المعهد الملكي للشؤون الدولية، ومعهد دول الخليج العربية في واشنطن.
أوضح الدكتور بدر السيف خلال الجلسة عدة نقاط محورية تتعلق بالتحولات الإيجابية في العلاقات بين العراق و الكويت. وأكد على أهمية اللقاءات والنقاشات المباشرة بين البلدين دون وسطاء لتعزيز التفاهم والتعاون المشترك. كما تطرق إلى الجوانب التاريخية المضيئة في العلاقات العراقية-الكويتية التي تمتد لأكثر من قرن، مشيراً إلى أن معاناة الشعبين قد تسهم في تصحيح الأحداث السلبية الماضية.
شدد الدكتور السيف على ضرورة استحضار التاريخ المنسي للعلاقات بين البلدين، مسلطًا الضوء على التأثير المتبادل بينهما، مثلما حدث بعد استقلال العراق من الاحتلال البريطاني عقب ثورة العشرين، مما مكن الكويت من صياغة أول دستور لها في عام 1921. وأكد على أهمية النقاشات الهادئة التي تستوعب جميع الآراء، مع التركيز على الجوانب التعليمية والثقافية، خاصة في المحافظات الجنوبية من العراق التي تربطها مشتركات عديدة مع الكويت.
ناقش الدكتور السيف تطور الهوية الوطنية الكويتية بعد الغزو والعلاقة القوية التي بدأت تنشأ بين المركز والأطراف داخل الكويت. وأوضح أن القيادة الكويتية تعمل على تعزيز التنمية والترابط مع المناطق الشمالية من البلاد عبر مشاريع استراتيجية مثل جسر الأمير جابر وميناء مبارك الكبير، التي يمكن أن تسهم في تعزيز التنمية المكانية بين العراق والكويت.
على الرغم من التقدم الكبير في العلاقات الرسمية بين البلدين، أكد الدكتور السيف أن هناك جوانب اجتماعية ونفسية ما زالت تعاني من تداعيات الغزو. وأشار إلى ضرورة المصارحة الداخلية والخطط الشاملة للتعافي من هذه التداعيات، مشيدًا بجهود الحكومات العراقية المتعاقبة بعد ٢٠٠٣ في البحث عن رفاة الكويتيين، ومشيرًا إلى التوصل إلى 293 رفات وأن هناك أكثر من 300 مفقود ما زالوا قيد البحث، مطالبًا بإعطاء هذا الملف أهمية إنسانية قصوى.
رغم التطورات الإيجابية في العلاقات بين البلدين، لفت الدكتور السيف إلى أن هناك ملفات كثيرة بحاجة إلى الحسم. وأشار إلى أن الكويت أيدت خروج العراق من البند السابع رغم عدم اكتمال التعويضات في حينها. وأكد على ضرورة تطوير أدوات جديدة للعلاقات تشمل الأبعاد المجتمعية والتعليمية والثقافية، مع التركيز على إصلاح المناهج التعليمية وتمييز الشعب العراقي عن النظام السياسي السابق.
في الملف الاقتصادي، أوضح الدكتور السيف أن العلاقات بين البلدين لم تصل إلى المستوى المطلوب. وأشار إلى أهمية ميناء الفاو في خدمة العراق والتعاون التجاري بين البلدين، داعياً إلى تعزيز التواصل بين الطلاب العراقيين والكويتيين وتطوير فكرة الأمن بالمفهوم الشامل، بالإضافة إلى التعامل مع التغيرات المناخية وتنويع الإيرادات.
في السياسة الخارجية، أكد الدكتور السيف على وجود ثوابت مشتركة يمكن أن تسهم في إذابة الخلافات إذا تم التركيز عليها. وأشار إلى ضرورة وضع خطة شاملة للتعافي تشمل التعاون في الحقول النفطية المتجاورة. وأشاد بمؤتمر إعادة إعمار العراق الذي رعته الكويت في عام 2018، معتبراً أنه فرصة لبناء الحدود والمناطق المتشابكة.
ختامًا، أكد الدكتور السيف على أهمية وجود خطة عمل واضحة تعزز دور العراق كوسيط مقتدر في المنطقة، وترسيخ المؤسسية في العلاقات بين البلدين. ودعا إلى تجاوز العنف والعمل على التواصل الإنساني، مع التركيز على بناء الإنسان والتعاون في مشاريع دبلوماسية شعبية مثل بطولة خليجي 25. كما أشار إلى ضرورة بناء مستقبل مستدام يعزز الإرث المشترك بين العراق والكويت، وأن العراق يجب أن يكون قويًا وموحدًا ومفتوحًا على الدول العربية.
لمشاهدة اللقاء كامل اضغط هنا